Sunday, August 23, 2015

البعض يحمل النظام السوري وحده مسئولية الجرائم التي ترتكب هناك



      عمار بوجلال، قسنطينة في 23-08-2015

البعض قد يتعاطف مع بشار على افتراض أنه كان جالسا ببيته وجماعة هاجموه ألا يحق له الدفاع عن النفس؟ هذا لا يعني أنهم يجارونه في أفعاله وتصرفاته ويريدون اختيار مصيره لأنه صار متورطا في قتل أبرياء لا حول ولا قوة لهم. نحن العرب عاطفيون ولا نحكم عقولنا في كثير من القضايا لذلك قد نستغل من طرف أعدائنا بسهولة تامة.

لكن لنعد قليلا إلى الوراء، لبضعة شهور خلت، أي قبل وقوع الثورة أو التمرد الشعبي في سوريا، هل تجدون ما يمكن قراءته عن سقوط قتلى هناك؟ هل سمعتم عن وقوع جرائم وضحايا ارتكبها النظام السوري وقتذاك؟ ألم تكن سوريا حينئذ بخير رغم وجود بعض القمع الممارس من طرف النظام هناك؟ سوريا حقا تعرضت لمؤامرة كونية شاركت فيها العديد من الأنظمة من بينها بعض الأنظمة العربية العميلة. هل سيبني هؤلاء الأعراب سوريا التي دمروها؟ وهل سيعيدون للشعب السوري كل حقوقه أو يخففون عنه معاناته بعد ما حرضوه على الثورة والحرب الأهلية؟ هؤلاء أيضا مجرمون شركاء في الجريمة التي اقترفت ولا زالت تقترف بحق الشعب السوري.

بعض الإسلاميين تنقصهم الشجاعة ولا يجرؤون على قول الحقيقة كما هي، أو ينقصهم النضج السياسي، ولا أعتقد أنهم مؤهلين لقيادة بلدان بحجم سوريا أو مصر وغير ذلك. انظر كيف تسببوا في تدمير العراق وتمزيقه وتشريد شعبه، ألم تكن أحزاب إسلامية هي التي فعلت كل ذلك؟ تلكم أفعال معارضة إسلامية جاءت على ظهور دبابات المستعمر، وأحزاب إرهابية قتلت وخربت باسم الدين وباسم مقاومة الاستعمار. سذاجة هؤلاء تستغل من طرف المستعمرين الذين لا يريدون الخير لنا.

هل تصدقون أن أمريكا وإسرا ئيل والغرب عموما يريدون حقا إقامة الديمقراطية في الوطن العربي؟ أو يرغبون في إقامة نظام إسلام حقيقي ينفع أهله ويرفع شأنهم أمام خالقهم؟ هل فعلا تصدقون تلك الأكذوبة؟ أكذوبة أن أمريكا كانت تنوي إقامة نظام إسلامي حقيقي في العالم العربي وهم أعداء ألداء لهذا الدين الحنيف؟ هل تظنون أن الغرب غبي لهذا الحد لكي يسمح بحدوث ذلك؟


المعارضة الراديكالية والعصيان المدني لن ينفعا في التعامل مع غالبية الأنظمة العربية، والتجارب التي وقعت هنا وهناك خير دليل على ما نقول: الجزائر سابقا مرت بمحنة مشابهة لكنها لم تحقق للشعب الجزائري والنظام الحاكم سوى المزيد من الويلات والمآسي. مصر اليوم تمر بمحنة مشابهة ونسأل الله أن يقلل من الضحايا والخسائر التي قد تتسبب فيها، كما نتمنى لإخواننا المصريين كل الخير والسلام.


الصدام مع قوات الأمن والجيش خطأ كارثي يجب تفاديه قدر الإمكان لأنه لن يجلب للبلاد والعباد سوى الدمار والقتل والخراب. ماذا حققت للشعوب العربية تلك الثورات والحروب الأهلية؟ إن كانت فعلا مفيدة للشعوب والأوطان لماذا لا تطبق وتمارس في أمريكا أو إسرائيل، أو في أراضي الأنظمة العميلة التي شجعت على وقوعها هنا وهناك؟ اذن ما فائدة قلب أنظمة ودول وإقامة مكانها وعلى أنقاضها أشباه دول ودويلات؟ هل نقوم بكل ذلك من أجل وضع البعض في مناصب المسئولية، بعد أن نعيث في الأرض فسادا ونساهم في هتك العرض ونتسبب في تشريد الشعوب والتنكيل بها؟ فكروا جيدا قبل الإقدام على القيام بفعل أشياء نكراء كتلك. لا تغرنكم العنتريات، ولن تنفعكم الخطب الحماسية المشحونة بالتحريض على الفتن التي يلقيها دعاة من وراء أبراج مشيدة، يحضون برعاية سامية من طرف أنظمة عميلة تابعة للمستعمر.

كل خطأ سيحاسب عليه الإنسان اليوم أو غدا ولو بعد الوفاة. لا يجب أن نشغل أنفسنا بأخطاء الرئيس ولو عظمت، ولا تعنينا أخطاء القادة والجنرالات ولو بلغت عنان السماء. هذه ليست أسباب مشروعة تدعونا وتدعوا غيرنا لتوريط الشعب في فتن وحروب أهلية لا طائل من ورائها.

كل إنسان محاسب عن أخطائه وجرائمه عندما يعرض على ربه.

قال الله تعالى: "من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، ولا تزر وازرة وزر أخرى، وماكنا معذبين حتى نبعث رسولا". صدق الله العظيم. (الآية 15 من سورة الإسراء)

عمار بوجلال، آخر تحديث تم يوم 24-08-2015

No comments:

Post a Comment