Wednesday, May 27, 2015

حسن نصر الله يعد بالتضحية بثلاث أرباع طائفته من أجل أن يعيش الثلث المتبقي بكرامه

عمار بوجلال، قسنطينة، في 2015-05-30

كم تمنيت يا سيد نصر الله لو أنكم أعلنتم التعبئة العامة ضد عدوكم وعدو إخوانكم من العرب والمسلمين كافة وليس فقط ضد أبناء جلدتكم. لماذا تستغلون شعارات طائفية أكل الدهر عليها وشرب فيما لا ينفعكم وينفع حلفاءكم؟ هل تريدون حربا شاملة لا تترك شيعيا أو سنيا إلا وأصابته بشرها؟ هل يشرفكم تصرفكم هذا، وهل تعتقدون أن الله سيجازيكم أحسن الجزاء على عمل بائس كهذا، والذي سيرضي أعداء أمتكم أولا وقبل كل شيء؟ هل من يفكر وفق منطق ساذج كهذا يستحق الانتماء لأمة عظمها الله، أمة الإسلام التي شهد الله لها بالحكمة والرحمة والعدل والإنصاف؟ قال الله في محكم تنزيله: ..."كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر..."؟ هل أنتم حقا تشعرون برضا خالقكم عن أفعالكم هذه؟ تصريحاتكم هذه دليل على فقدانكم الصبر والصواب، إذ أنها تصرفات وتصريحات تدل أنكم فقدتم التمييز بين الحق والباطل، وبين الخير والشر؟

 
 لماذا لم تنصحوا حليفكم وصديقكم بشار منذ مدة كافية لكي يدخل إصلاحات على نظامه المتهالك والذي ورثه عن الميت والده، إصلاحات تليق بسوريا ومكانتها بين الدول، إصلاحات تمنح دورا يليق بالمعارضة كما هو معمول به في بقيت بلدان العالم؟ هل يرضيكم الدمار الذي حدث ويحدث بسوريا؟ لماذا تحملون المعارضة وحدها كل المسئولية عن الخراب الذي أصاب سوريا دون أطراف النظام؟ لا لوم على من همشهم وخوهم النظام الذي تعشقونه وتضحون بعشيرتكم من أجله، النظام الذي أغلق في وجه المعارضة السورية كل الأبواب، بل ونفاهم إلى خارج البلاد؟ سوريا ليست ملكا شخصيا لأحد ما، لكنها حق وملك لكل السوريين. لماذا لا تصارحون حليفكم بالحقيقة "المرة"، كأن تقولون له: "لقد اشتهدتم وأخطأتم وعليكم الآن بترك الرئاسة لغيركم". اتركوهم أحرارا يجربون حظهم علهم ينجحون. بعد الذي جرى ويجري بسوريا نستطيع القول جازمين أن آخر سوري، مهما كان مستواه الثقافي والعلمي ومهما كانت تجربته في الحكم يستطيع قيادة سوريا إلى بر الأمان ولو اضطر لتسييرها برجليه.
 
 لن تخلدوا في هذه الحياة الدنيا ولن تحجزوا لكم مكانا مشرفا في جنة الخلد. مواقفكم وتصرفاتكم الشنيعة هذه تدينكم. مكانكم معروف مسبقا! أنتم تعرفون منزلتكم ومكانتكم عند الله خالقكم، وصديقكم بشار المعروف بجرائمه ضد شعبه ضمن لنفسه مكانة "محترمة" تليق به وبفخامته! أنتم ورطتم أنفسكم معه وورطتم أبناء عشيرتكم!

اليوم لا منقذ لكم من جهنم وحرها الشديد الذي يشوي الجوه، لا علي كرم الله وجهه ولا الحسين رحمة الله عليه، ولا إسرائيل التي تتظاهرون بعداوتها، ولا حلفاؤكم الآخرون كإيران أو أميركا التي تناصبونها العداء في الظاهر! لن تنفكم صلاتكم، ولا صراخكم، ولا آلامك، ولاأية قوة أخرى ستنقذكم من المصير الذي ينتظركم والذي رسمتموه لمستقبلكم! لن ينفعكم مذهبكم ولا طائفتكم ولا إيمانكم أو كفركم: لقد قمرتم، وأسأتم القمار، وخسرتم كل شيء، وسوف تنالون جزاءكم عما قريب! ما أصركم على الباطل! وما أصبركم على النار ولهيبها!

ملاحظة:

اليوم ثوار سوريا صاروا يقاتلون بأريحية وشجاعة وشهية كبيرة إذ لم نعد نشاهدهم يصرخون ويتألمون كما كانوا يفعلون في بداية الثورة. هذه المعاناة يبدو أنها انتقلت إلى أعدائهم من جيش بشار وحلفائه كإرهابيي حسن نصر الله.
 لمزيد من التفصيل حول تصريحات هذا الزعيم الفاشل اتبع الرابط الآتي:
 
 
عمار بوجلال، قسننطينة، الجزائر
آخر تحديث:  30 ماي، 2015
 


Wednesday, May 20, 2015

العرب يفكرون بشكل ساذج وغريب

عمار بوجلال

قسنطينة، الجزائر، 2015-05-20

حكام العرب، سيما الأمراء والملوك منهم، يتآمرون على بعضهم البعض وعلى أشقائهم في العالم الإسلامي، وكلما بذلت دولة عربية أو إسلامية جهودها لتنمية اقتصادها والتخلص نسبيا من التبعية للاستعمار إلا وتكالبوا عليها: فعلوا ذلك ضد إيران ثم العراق وساهموا في حصارهما وتدميرهما. هم اليوم يفعلون الشيء نفسه مع سوريا واليمن ومصر، وليبيا...إلخ. استغلوا بساطة وعقلية المرحوم صدام حسين وحرضوه على ضرب إيران بدعوى وقف المد الشيعي ومنع الخميني من تصدير ثورته. حقيقة كانت بوادر عداء بين إيران والعراق منذ عهد الشاه لكن إيران كانت يوم ذاك مدعومة من الغرب ولم يجرء العرب على مهاجمتها، وبعد الثورة ظنوا أنه حان الوقت  لتصفية الحساب معها واستعادة الأراضي التي يقال أنها استولت عليها منذ عهد الشاه. دول الخليج قدمت الدعم المادي والمعنوي لصدام في حربه ضد ثورة الخميني، لكن إسرائيل قدمت الدعم اللوجيستي لإيران، ليس حبا في ثورتهم أو مذهبهم الشيعي ولكن بهدف إطالة عمر الحرب. ذلك أمر قد يدخل ضمن استيراتيجية إسرائيلية، وضعها برناند لويس ومضمونها يقضي بترجيح كفة الشيعة وتقويتهم على حساب الأغلبية السنية بهدف اغراق العالم الإسلامي في دوامة العنف، وهي استراتيجية لا تزال إسرائيل تؤمن بها وتتبناها ضد أعدائها من العرب والمسلمين، الفضل كله يعود لغباء بعض الحكام العرب.

واليوم بدل أن تسعي دول الخليج للحوار مع القيادة الإيرانية بهدف التوصل إلى حل نهائي لمشاكلهم مع الجمهورية الإسلامية هاهم يركضون بسرعة البرق نحو معشوقتهم إسرائيل رغبة في الاحتماء بها من "الخطر" الذي يتهددهم من إيران الشيعية. لكنهم تناسوا أن إسرائيل هي مصدر كل صداع وبلاء، وصاحبة المكائد السبع والمؤامرات الخسيسة في المنطقة!

لكن هكذا يشاء الزعماء العرب، وهكذا يفكرون ويتصرفون؛ يفكرون بسذاجة وغرابة، ويظنون أنهم يحسنون صنعا!

اليهود يسيطرون على مقاليد الحكم في أمريكا، وأمريكا تعلن وتظهر خلافات مع الدولة العبرية، أليس ذلك مجرد لعب أدوار؟ أمريكا تتحالف مع إيران بهدف وقف المد الصيني، وإسرائيل تتحالف مع دول الخليج بهدف وقف البرنامج النووي الإيراني أو "الفارسي" كما يحلو لهم تسميتهم.

هذه ألغاز القرن يصعب على المرء فك خيوطها. النتيجة المؤكدة أن العرب سيفقدون كل شيء: ثروتهم، جهودهم، حياتهم...، يخسرون الآمال والأحلام فيما لا ينفع دنياهم أو أخراهم. العدو يبيعهم أسلحة وذخيرة لقتل بعضهم البعض- مشاهد الدمار والقتل الأعمى عمت بلادهم. هل من يقضة ضمير؟ وهل من مخلص من هذه الدوامة؟

في النهاية إسرائيل ستحتفظ بالأرض وتضمن الأمن لنفسها، وكما يقول المثل الشعبي في الجزائر: "من لحيتو بخرلو".

عمار بوجلال،



Friday, May 15, 2015

ما أهمية المصالحة بين السعودية وإيران؟

 

عمار بوجلال، قسنطينة، الجزائر
إذا ما قدر لحرب أن تشتعل بين كل من السعودية وإيران هذا يعني نهاية كل وجود للعرب والمسلمين. السعودية لا يمكنها ربح المعركة بأية حال من الأحوال وكذلك إيران. يبدو لي أن السعودية بإيعاز من حليفتها إسرائيل تسعى لاستفزاز إيران، وإيران لا تريد الانزلاق نحو حرب شاملة لأن ذلك سيعطل كل مشاريعها التنموية وسيرهق مواردها الاقتصادية. النظام السعودي تنقصه الخبرة السياسية ويعول على دعم الصهاينة والغرب، لكن لا احد يضمن لهم ذلك. إيران في آخر المطاف ستضرب آبار النفط السعودية وهذا سيجر الغرب وروسيا والصين إلى النزاع وقد يتحول الأمر إلى حرب عالمية.إيران ترى نفسها قدمت الكثير للقضايا العربية العادلة وتحملت في سبيل ذلك الكثير من المضايقات والعقوبات، وصبرت طويلا وحملت شعبها ما لا يطيق، وتتمنى أن يدرك العرب تلك التضحيات الجسام ويعاملونها، قدر مواقفها الإيجابية من قضاياهم العادلة، أي أن تعامل معاملة حسنة تليق بها كدولة حليفة ومسلمة أما القول أن الشيعة "كفرة وزنادقة" فهو كلام غير مسؤول ولا يرضي "الله ورسوله" وإنما قد يرضي أعداء الأمة الإسلامية، من الصهاينة وحلفائهم الاستعماريين. علينا بالإحسان إلى الناس ومعاملتهم بأحسن النوايا وإذا ما تبين لنا مكرهم وخبثهم ساعتها يمكن لنا مراجعة مواقفنا وسياساتنا تجاههم. كذلك يجب التذكير أن إيران لا يتواجد بها الشيعة فقط بل الكثير من الطوائف، ومن ضمنهم أتباع السنة وأتباع المذهب السلفي الوهابي المقرب من النظام السعودي، وإن كان البعض يرى أنهم مضيق عليهم، حسب مصادر سعودية. الجمهورية الإسلامية ترى أن دول الخليج تمادت كثيرا في ظلمها والإساءة إليها، وهي لا تفهم لماذا تضخم بعض المشكلات البسيطة على الحدود، أو قضية الاختلاف المذهبي القديمة، وتصر تلك الدول على رفض الحوارية الأخوي معها لإزالة الخلافات والشبهات مهما كانت طبيعتها؟ ألا يمكن معالجة الخلافات والمشكلات كلها بالحوار البناء والنية الحسنة؟ الحوار الذي يجمع ولا يفرق، الحوار الذي يجنب أبناء الأمة الإسلامية الحروب والصراعات الدموية التي لا جدوى منها. أظن أن الحوار مع هؤلاء ممكن ومفيد، بل وواجب، وليس من المستحيلات السبع. لماذا يتحاور بعضنا مع الدولة العبرية التي اغتصبت أرضنا وانتهكت أعراضنا ولا يحدث ذلك مع إخوة لنا في الدين والمعتقد والمصير الواحد؟ نتفق ونتعاون معهم فيما يجمع بيننا ويستقل بعضنا البعض في الباقي، أي أن يتصرف كل منا في المواقف المتبقية باستقلال تام من غير عداء وتآمر. الكثير من المعلقين السياسيين يجدون صعوبة في تفسير أو فهم مواقف بعض الزعماء العرب من الجمهورية الإسلامية: كيف يرفض الساسة العرب مثلا التحاور مع دولة مسلمة وجارة لهم؟ لماذا تجد دول مثل سوريا والجزائر سهولة في التعامل مع الجمهورية الإسلامية ويصعب ذلك على المملكة العربية السعودية وحلفائها وهم الأقرب والأحق بالحوار معها؟ لماذا لا يتصافح الملك سلمان، حفظه الله، مع أخيه وشقيقه خمنائي، ويعالجان كل القضايا التي تشغل بال الأمة، بعيدا عن إملاءات الأجنبي وضغوطاته؟ ألم يوص الله ورسوله بالإحسان والولاء للشقيق الجار؟
 أرى أنه من الضروري أن تتخلى الدول الإسلامية والعربية عموما عن شعاراتها  المذهبية والطائفية ومصالحها القطرية الضيقة من أجل إقامة علاقات استيراتيجية، طبيعية وإيجابية فيما بينها. فالسعوديون، عل سبيل المثال،  مطلوب منهم أن يتصرفوا بحكمة ورزانة وبحسن نية مع أشقائهم من العرب والمسلمين. إذ يجب عليهم أن يرضوا بإيران كدولة مسلمة حليفة وجارة يمكن الاعتماد عليها في الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية على اختلاف أنواعها. كما يجب عليهم فعل الشيء نفسه مع إشقائهم السوريين الذين يعانون من أزمات سياسية واقتصادية والذين هم في حاجة ماسة لمساعدة أشقائهم من العرب والمسلمين. كل المشاكل قابلة للحوار والمعالجة يشترط فقط توفر النوايا الحسنة والتنكر للذات والمصالح القطرية الضيقة. نفس الشيء يمكن قوله للطرف الإيراني أو السوري أو أي طرف آخر كالإخوة المتناحرين في العراق. كذلك نطالب قادة الأنظمة العربية الذين اجتمعوا في "عاصفة الحزم" أن يكونوا منصفين وعادلين، كما أمر الله ورسوله أن يكون الإنصاف والعدل، في تعاملاتهم مع أطراف الأزمة اليمنية، إذ يجب عليهم أن يكونوا على مسافة واحدة من تلك الأطراف اليمنية على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم. الحوثيون، مثلا، هم عرب مسلمون، وجزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي اليمني  وإن اختلفت عقيدتهم أو مذهبهم عن المذهب السلفي الوهابي المقرب من النظام  السعودي.

الوحدة والعيش في سلام ووئام مع الاشقاء غاية نبيله يجب التضحية من أجلها.

لو طبق هذا المبدأ في معالجة النزاعات والصراعات والتوترات داخل العالم العربي والإسلامي لأمكن تذليل وتسوية الكثير من الخلافات والمشاكل في تلك المنطقة. لماذا تدرك أمر يكا، مثلا وهي الدولة المسيحية، أهمية إقامة علاقات استيراتيجية مع الجمهورية الإسلامية ويفشل العرب في فعل ذلك؟ هل يعود الأمر في تصلب المواقف وتشنجها لتوظيف الدين والنعرة القومية في التعاملات مع الغير، أم يعود الأمر لفقدان السيادة والتبعية للمستعمر الذي لا يهمه سوى مصالحه؟  أم يعود الأمر لضيق الدائرة المسئولة عن صنع القرار والانفراد بالحكم الأمر الذي قد يحول دون دراسة المشكلات بشفافية وجدية ويعيق اكتشاف الحقائق والمؤامرات التي قد تتعرض لها الشعوب والأنظمة العربية والإسلامية؟ (هذه الفكرة الأخيرة يمكن القول أنها تقترب من الدقة إذا علمنا أن إسرائيل وأمريكا تسعيان جاهدتين لفرض أنظمة تسلطية على الشعوب العربية لأنها تخشى أن يستفيق العرب وينافسوها في كل شيء إذا ما طبقوا  الديمقراطية التي تؤدي لتليين المواقف وبلورة اتجاهات متقاربة وأفكار تحضى بإجماع الغالبية منهم.

 

ما حقيقة تبادل المؤامرات بين السعودية وإيران؟

منذ ما يزيد عن الثماني سنوات على سبيل المثال صرح أحد الخبراء الفرنسيين خلال إلقاءه محاضرة بجامعة الأمير عبد القادر، قسنطينة، أن العداء المعلن بين إيران والولايات المتحدة ليس عداء حقيقي بل هو عداء مصطنع، لإخفاء بعض المخططات، لكن في الخفاء يتعاملون بصداقة وثقة متبادلة. صرح بهذه العبارة الباحث برونو ايتيان Bruno Etienne، سنة 2008، والذي توفي سنة 2009. هذا الكاتب صرح أن السبب في إظهار العداء وإخفاء الصداقة بين إيران وأمريكا يرجع لخشية الولايات المتحدة من المد الصيني في المنطقة وأنها لم تعد تعول على النظام السعودي، ولم يقدم تفسيرا أو سببا يبين فقدان الأمركيين ثقتهم في الصديق التقليدي أي السعودية. موضوع المحاضرة التي ألقاها برونو إيتيان في تلك المناسبة لم يكن العلاقات العربية الإيرانية ولا حتى العلاقات الأمريكية العربية ولكن كان موضوعها حوار الأديان بين المسيحية والإسلام.
حقيقة علاقة الجمهورية الإسلامية بالدول العربية تبدو غامضة وغير بناءة، ونأسف لحدوث ذلك، لكن المعلومات بخصوص هذه العلاقات والمواقف شحيحة، وهي عبارة عن معلومات وتسريبات يطلقها العدو من حين لآخر، ولا يصح السعي لتأسيس مواقف سليمة انطلاقا منها كونها معلومات غير مكتملة وغير مؤكدة.
نحن العرب، اتباع السنة، خدعنا في إيران "المقاومة والممانعة" إنهم يوظفون كل حيلهم بما في ذلك الشعارات الطائفية لضرب اتباع السنة والعرب عموما. سأشرح ذلك باختصار. يشنون حربا شاملة تحت شعار "لبيك يا حسين"، تبا لهم ولمن والاهم، ولعنهم الله وأخزاهم إلى يوم الدين. اليوم تسقط اقنعتهم كلها وتنكشف عوراتمهم. يريدون احتلال المنطقة خدمة لأسيادهم الأمريكان والإسرائيليين يريدون السيطرة على موارد النفط والمياه وتجويع العرب من أتباع السنة! لا يمكن الحياد والابتعاد عن الخطاب المتطرف طالما يوجد من ينكل بالضعفاء! لماذا يحل للأنظمة الشيعية في كل من سوريا وإيران، والعراق ولبنان، استخدام التطرف المذهبي والإيديولوجي، لا، بل وتقنينه وتكريسه سياسة ومبدأ في التعامل مع الخصوم؟ لكن القوى الكبرى لا تسمح بذلك لخصومهم، أي لأتباع المذهب السني؟ يقول الرسول الأعظم: "الدين النصيحة"، و"انصر أخاك ظالما أو مظلوما" بمعنى إن كان ظالما انهه عن الظلم وإن كان مظلوما خذ بيده وانصره على ظالميه. هذا لا نراه يحدث، الكل متعاون في ضرب العرب من أتباع المذهب السني. فهل نصح هؤلاء قوى الشر والتطرف في كل من إيران وسوريا وجنوبي العراق ولبنا؟ هل نصحوهم بترك الشعارات الطائفية والخطاب المتطرف؟ هم يعتبرون حربهم ضد أهل السنة حربا مقدسة، وحكامنا نحن، في العالم السني، يعتبرون الدفاع عن النفس إرهابا! هم يستخدمون شعارات ما أنزل الله بها من سلطان، شعارات لم تأمر بها حتى الشياطين كشعار: "الدفاع عن السيدة زينب"، و"لبيك يا حسين". إلى متى والسنة يتلقون الضربات دون منحهم حق الدفاع عن النفس: جعلوهم إرهابيين ومنكليهم مقاومين ومدافعين عن النفس تمام كما تفعل إسرائيل تضطهد أشقائنا الفلسطينيين منذ سبعين سنة ولا دافع عنهم. (عمار بوجلال، 26-05-2015).

 لا أحد شغل عقله وحاول تفسير ما الذي يجري؟ ما الذي جعل الأمريكيين يفقدون صبرهم وثقتهم في النظام السعودي؟ (شخصيا لا قرأت ولا سمعت أن أحدا ما أجاب على هذا السؤال اللغز المتعلق بتفسير سبب تدهور العلاقات بين أمريكا والسعودية.) أمام موقف كهذا، لا يبقى لنا من حيلة سوى التخمين وطرح فرضيات قد تصدق وقد تخطئ. أحد هذه الأسباب ربما يعود لضعف هذا النظام  وعجزه، أقصد النظام السعودي، أو لارتباطه الوثيق بالماضي البعيد وعدم انشغاله بالأحداث الراهنة؛ أي عدم إدراكه أن التنين (الصين) زاحف نحو المنطقة والذي يعتقد أنه آت لابتلاع كل شيء سيجده في طريقه (على الأقل من وجهة نظر الأمريكيين). ويمكن أيضا افتراض أن السبب يعود لتفطن النظام السعودي أخيرا، (بعد لأي عرفت الدار بعد توهمي)، وإدراكه أن مصالحه تختلف عن مصالح المستعمر الأمريكي الأمر الذي نباركه ونشجعه. كما قد يعود الأمر لضجر (سأم) السعوديين وفقدانهم الصبر مع الحليف التقليدي، أمريكا، واعتقادهم أنه قد حان الوقت لتغليب المصلحة الوطنية على مصلحة الغير.

ومهما أصابت تلك التخمينات أو أخطأت الشيء الذي نؤكده أن عجز العرب عن إدراك ما كان يدبر لهم من مخططات ومكائد أمر أضر بهم وجعلهم محل سخرية بين الأمم. 
لماذا عجز النظام  السعودي، مثلا، عن إدراك ما كان يخطط له مع أنه كان في يوم ما ينسق ويخطط مع أصدقائه، الأمريكيين والإسرائيليين، لضرب إخوانه في العراق وسوريا؟

السعوديون يلقون باللائمة على "الفرس الرافضة"، ويعاتبون "أصدقاءهم" الأمريكيين لأنهم غدروا بهم، لكنهم نسوا أو تناسوا أن التمسك بأفكار قديمة (بل ويمكن القول أنها أفكار أضحت مية)  قد يكون سببا في تخدير العقول ومنعها من ملاحظة ما يجري هنا وهناك. هذه الأفكار لوقت قريب كانت، على سبيل المثال، تمنع الأشقاء السعوديين من دراسة السياسة وتعليمها لطلابهم أو دراسة علم الاقتصاد. هذه الأفكار ساهمت في خلط الدين بالسياسة ودعى أصحابها  لتوضيف آراء وفتاوى فقهية في أمور السياسة والعلاقات بين الدول، على غرار الأحاديث الضعيفة المنسوبة للبخاري وفتاوى ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليهم أجمعين. هؤلاء العلماء الأجلاء اجتهدوا وكتبوا انطلاقا من ظروف العصر الذي عاشوا فيه. ماضي المسلمين والعصر الذي عاشوا فيه لا ينطبق على عصرنا ومشكلاتنا نحن. في تلك العصور كان المسلمون يملكون زمام أمورهم، ووقتها لم يكن اليهود يملكون دولة ويتحكمون بزمام  العالم. وقتها لم تكن أمريكا موجودة أصلا ولم يكن العالم الإسلامي مجزءا إلى دويلات شتى كما هو الحال في عصرنا هذا. هذه الكتب والفتاوى التي تركها ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهما انتهى دورها ولم تعد تجدي نفعا (على الأقل من وجهة نظر دارسي السياسية والعلاقات الدولية والمختصين في الدراسات الاجتماعية، على شاكلة الباحثين في خلفيات الصراع والحروب ومسبباتها، وما إلى ذلك).

حقيقة هذه الأفكار من ناحية أخرى لا تبدوا ميتة! بل هي أفكار حية، بل ويمكن القول أنها أفكار تحولت إلى "ثعبان" أو "حية" تسعى لتلقف كل شيء تجده في طريقها! هذه الأفكار، حية أم مية، لم تعد بالنفع على المسلمين! (وهو الشيء المحزن والمؤسف والذي يدمي قلوب العقلاء.)


هؤلاء درسوا واقعهم وتركوا لنا أفكارا وفتاوى صارت عبءا يرهق كاهلنا نحن أبناء العالم السني. (عالم صار يعج بمرضى النفوس والعقول!) يجب التجديد وإلا انتهى بنا المطاف بعودة الاستعمار لديارنا من جديد وهو الأمر الذي نراه يحدث. السعودية حاليا دولة موحدة وغدا، لا قدر الله، قد تقسم إلى دويلات شتى كما قسمت السودان والعراق وسوريا... دويلات تحكمها إيران (التي انضمت لنادي الكبار، نادي الدول العظمى)، أو إسرائيل وأمريكا، (دول الاستعمار التقليدي) أو الهند (الاستعمار البديل، أو قل الجديد القادم)، إلخ. (يبدوا أنني أضيع وقتي في عبث: العربي لم يعد يخيفه شيء اسمه الاستعمار مهما كانت صفة ذلك الاستعمار: قديم أم  جديد لا يهمه الأمر، ومهما فعلنا معه لن ينتبه لذلك البته! البعض يشغل عقله بمشكلات وقضايا مرت عليها قرون ويعتقد أنها أنها تحدث لأول مرة وللتو، والبعض راح يخطط للنجاة من قيام الساعة ونسي أن ذلك أمر بيد الله.) كتب محمد بن عبد الوهاب وفتاواه، على سبيل المثال،  لم تساعد في الكشف عن المخططات التي حيكت ضد السعودية وضد بقية البلدان العربية، لأنها مخططات دبرت ضد تلك الدول وضد غيرها من طرف دول لم تكن موجودة أصلا في عهد ابن تيمية أو محمد بن عبد الوهاب، أعني بذلك إسرائيل و أمريكأ. 

يا عرب يا مسلمين، فيقوا أو استفيقوا من نومكم، وانتبهوا لما هو آت، ولا تشغلوا بالكم بما مضى من محن ومصائب ألمت بأمتكم! بل إن انشغالكم بتلك المشكلات والأحداث لن ينفعكم ولن يعود عليكم بالفائدة، لأن عدوكم أقوى وأذكى منكم وسيستغل تلك الجراح والمصائب القديمة لإحداث مزيدا من الجراح والآلام.


 صحيح قد يرى البعض أن التفكك الاجتماعي (وثورات الربيع العربي) أصاب الأنظمة والبلاد العربية التي لم تعرف انتشار المذهب السلفي الوهابي، وأن هذا المذهب كان عامل وحدة واستقرار في السعودية. هذه مقولة قد تبدو صحيحة لكنها في واقع الأمر غير ذلك: سوريا خربها الجهاديون الذين تأثروا بأفكار سلفية متشددة، لا تمثل الإسلام الصحيح، أفكار تستهين بقيمة التسامح والعيش في وطن موحد، وتضرب بمفهوم دولة المواطنة عرض الحائط. العراق دمره الغزو الأمريكي البريطاني الذي نشر فيه التطرف المذهبي والطائفي، الشيعي والسني، تمهيدا لتقسيمه إلى دويلات ستضل متصارعة متحاربة إلى أن يشاء الله غير ذلك. في السعودية لم يساهم المذهب السلفي الوهابي في حفظ الأمن على ما يبدو لكن ثروة البترول فعلت ذلك. صرامة النظام وبطشه بمواطنيه كان لها أيضا دور في استتباب الأمن هناك. النظام السعودي سخر الدين الإسلامي الحنيف في خدمة النظام، نظام ملكي لا يقر الديمقراطية ويستهين بحقوق الإنسان. هل يصح ذلك أم لا؟ الجواب تجدونه عند المختصين.

 أخيرا وليس آخرا، أتمنى أن يدرك العرب أهمية التعامل الإيجابي مع دولة عظمى كإيران، حارسة المنطقة الجديدة،   إذ يجب التعامل معها من باب المصلحة القومية لا من باب الاعتبارات الإيديولوجية والمذهبية، وهي اعتبارات أضرت كثيرا بمصلحة الشعوب العربية. أتمنى أن يجد كلامي هذا صدى لدى الأفراد العاديين في مشرقنا العربي ومغربه وأن يخفف عنهم مصابهم الجلل المتمثل في فقدانهم الثقة بزعامات وقيادات خيبت آمالهم وضيعت أحلامهم مرارا وتكرارا. قيادات عربية عجزت عن إقامت علاقات طبيعية/مثمرة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو عجزت عن حماية الأوطان. إذا كان البعض منا يفتخر بعروبته وطائفته أو مذهبه فمن حق الفارسيين أيضا أن يفتخروا بقوميتهم ومذهبهم الشيعي- هذا لا يقلل من كونهم مسلمين ومؤهلين لدخول الجنة، لو يشاء الله ذلك، بل ويفترض معاملتهم على تلك الصفة: إخوة مؤمنين مسلمين تشملهم رحمة الله ورضوانه، مؤهلين لدخول الجنة كباقي المؤمنين والمسلمين كل حسب عمله. بامكان العرب منافسة إيران الفارسية في العمل والانتاج والدفاع عن السيادة الوطنية لكن ليس في التآمر على الأشقاء كما حصل مع العراق وسوريا...، وتأجيج الأوضاع في اليمن. (أزمة اليمن كان بالامكان معالجتها منذ مدة ولا تترك لإيران فرصة للتدخل في شأنها.)


كما أتمنى أن يتفهمني الإخوة القراء وأن يلتمسوا لي أعذارا إن كان كلامي هذا يبدو صادما ومتجاوزا لخطوطهم الحمراء، كما أذكر أن هدفي ليس زرع الإحباط وقتل العزائم وإنما فقط التعبير عن واقع مر لم أعد أحتمل شدته.


كما أرغب في اغتنام الفرصة لأختتم بتوجيه نصيحة متواضعة لكل منا والتي يمكن صياغتها كالآتي:
 أيها الإخوة إن الموت قادم لا محالة، وعلى كل منا أن يسأل نفسه: ماذا قدمت لبلدي وماذا قدمت لأمتي من فعل الخيرات؟ وماذا قدمت لأخيي أو جاري من صفح وتنازلات لكي أعيش معه في سلام ووئام؟ أما قادتنا من أصحاب الفخامة والجلالة فأوصيهم رفقا ورحمة بمستضعفي هذه الأمة التي تكالبت عليها الأمم بسبب عجزنا وضعفنا وانقسامنا إلى أحزاب وطوائف شتى تخاصم بعضها البعض وتدير ضهرها للعدو الحقيقي المتربص بأمنها ومصيرها.

والله ورسوله المستعان. اللهم احفظ أمتنا من كل سوء. وابعد عنها كل مكروه.

 

عمار بوجلال، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، قسنطينة، الجزائر.

 

آخر تحديث 25 ماي /2015

          am02boudj@gmail.com

                www.facebook.com/am02boudj