Sunday, May 20, 2012

جبهة التحرير والمرحلة المقبلة

.


أ. عمار بوجلال
Constantine, Algeria, May 20th, 2012
بادئ ذي بدء أود تهنئة الشعب الجزائري وشكره على إخلاصه وتفانيه في حب الوطن واختياره جبهة التحرير الوطني التي برهنت أنها حزبا فوق الجميع، وأقول بورك فيك أيها الشعب العظيم وقوفك مع الوطن ومع جبهة التحرير الوطني، وأنك قد برهنت عن شجاعة ونضج سياسي عز نضيرهما، كما أنك لم تنتخب لصالح فلان أو علان وإنما انتخبت لصالح الوطن أولا وقبل كل شيئ، وأنك صوتت لصالح الاستقرار والوحدة الوطنية والاستقلال والحرية والتنمية الشاملة بما في ذلك خيار العدالة الاجتماعية.
أما ما هو مطلوب فعله من قيادة جبهة التحرير الوطني في المرحلة المقبلة، فيمكن إجماله في الآتي:
1.     عدم مضيعة الوقت في نقاشات هامشية والشروع مباشرة في العمل على تحقيق ما تبقى من برنامج الرئيس،
2.     الاعداد للمرحلة المقبلة بخطة تنموية شاملة تأخذ في الاعتبار محاربة ما تبقى من فساد مالي واقتصادي،
3.  تطهير الساحة السياسية من الطفيليين (أحزاب فشلت في الحصول على ثقة الشعب وأضرت بصمعة البلد). عليكم بإيجاد طريقة ما لإسكاة أصوات هؤلاء الفاشلين في الانتخابات الأخيرة والذين اختار الشعب كنسهم من الساحة السياسية، ورغم ذلك لايزالون يصيحون بأعلى أصواتهم بأن الشعب يريدهم: الشعب لم ولن يريدهم. يمكن القيام بذلك إما بتعيين لجنة وطنية تشارك فيها أحزاب ومنظمات المجتمع المدني وأساتذة جامعيين للتحقيق في ادعاءات (التزوير)، وإما بجر الذين يدعون التزوير إلى المحاكم والذين يعجزون عن تقديم الأدلة يغرمون وتعلق أحزابهم أو تحل بصفة نهائية.
4.  إن الشعب الجزائري لا يقبل أن تمس كرامته، وأن تشوه صمعة بلده في أوساط العالم. لا أحد عاقل يقبل بحرية تعبير تسيئ لصمعة الوطن.  

عمار بوجلال،
20 ماي 2012.

Friday, May 18, 2012

انتخابات 10 ماي، زورت أم لم تزور، المهم أن المعارضة خسرت ثقة الجزائريين

هذه مدونة عمار بوجلال، أستاذ جامعي جزائري، تهتم بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ومكافحة الفساد السياسي والإداري، وبقضايا السياسة في الجزائر وبلدان الشرق الأوسط. كذلك تهتم المدونة بعلاقة الجزائر بدول الإتحاد الأوروبي. Am. Boudj’s Blog deals with: political development and regime change, human rights/democracy, corruption and good governance in Algeria and Middle Easten Countries, and other various topics.

أ. عمار بوجلال
Constantine, Algeria, May 18th , 2012
 
انتخابات 10 ماي2012 جرت في شفافية تامة.
 معظم الأحزاب التي شاركت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة خرجت مصدومة من النتيجة المحصل عليها، وترى نفسها "مضطرة" للإعلان أن الانتخابات زورت رغم التفاؤل الذي أظهرته قبل موعد إجراء الانتخابات (10 ماي 2012) ورغم حضور عشرات الآلاف من المواطنين عمليات الفرز، ورغم إعلان المراقبين الدوليين أن الانتخابات تمت في شفافية شبه كاملة. ما يقارب العشرين حزب (معارض) عبرت عن سخطها وربما ستقرر عدم المشاركة في الحكومة المقبلة، بعضها طالبت بإعادة إجراء الانتخابات (المطعون في نزاهتها). هذا المنطق يعني أن كل حزب أو مترشح فاشل (أي فشل في تحقيق نتيجة إيجابية) من حقه أن يطالب رئيس الجمهورية بإلغاء الانتخابات التي فاز بها غيره، وأن تعطى له فرصة أخرى عسى أن يفوز. (يا له من منطق أناني شيطاني!).
مهما يكن فقد أسفرت انتخابات العاشر من ماي 2012 عن نتيجة هامة مضمونها أن الشعب لم يعد يثق بوعود وبرامج أحزاب فاشلة أعلنت (منافستها) للتيار الوطني والتي تحولت بين عشية وضحاها إلى أحزاب ساخطة وناقما على النظام، وهي التي كانت تعد المواطنين بجنات عرضها السماوات والأرض.
إلى متى سيستمر الأمر على هذا المنوال؟ وهل ستفرغ جعبة المتاجرين بالدين والسياسة من حيل ووسائل مختلفة هدفها تسطيح واستمالة عقول الجزائريين؟ متى ستنتهي هذه المهازل؟ ومتى سنشهد إجراء انتخابات في الجزائر ولا تتبع بانتقام وسخط واتهامات متبادلة، بل وأن ترضي نتيجتها كلا من الفائز والخاسر فيها.
المستقبل سيكشف عن كل ذلك.

ملاحظة: 
هذا التعليق سيعمق ويدعم بحجج وأدلة قاطعة ستظهر بأن الانتخابات البرلمانية الأخيرة لم تزور، وأن نسبة التزوير إن وجدت لا تتجاوز الواحد بالمائة، وهي نسبة لا تؤخر ولا تقدم في النتيجة العامة للانتخابات. أما المعارضة فأنصحها بقليل من التواضع، وأن تعمل بجدية حتى تكون في مستوى المسئولية وتحظى برضا المواطنين. 

عمار بوجلال،
18 ماي2012، العاشرة ليلا.

Saturday, May 12, 2012

الشعب الجزائري لا يريد التغيير: انتخابات 10 ماي 2012 بين الإعجاب والاستغراب



أ. عمار بوجلال
Constantine, Algeria, May 11th , 2012
لقد استفسر بعض الزملاء عن موقفي من نتيجة الانتخابات البرلمانية المنظمة في العاشر من ماي، 2012، والتي فاجأت العديد من الملاحظين والمتتبعين للساحة السياسية الجزائرية كونها كشفت أن الشعب الجزائري لا يرغب في التغيير وأنه أضاع فرصة ثمينة.
نتائج الانتخابات بالنسبة إلي كانت جد منطقية بالنظر للامكانيات التي تملكها جبهة التحرير الوطني، إمكانيات مادية معتبرة، مقرات ووسائل إدارية ضخمة، رصيد نضالي طويل، إطارات متفتحة تتمتع بتجارب ثرية، ويدرك أصحابها كيف يدغدغون مشاعر الجماهير، كما تفاعل أصحابها مع معظم التيارات والأيديولوجيات العالمية (ليسوا إنطوائيين، يعيشون للحاضر، ولا يحلمون بما مضى وانتهى). زيادة على ذلك فقد مارس رئيس الجمهورية حملة انتخابية خارج الوقت المحدد، ظاهريا قصد بها تقديم خدمة للوطن والأحزاب المشاركة في الانتخابات لكن عمليا خدمت أهداف الحزب الكبير بشكل أفضل.
وأيضا استطاعت جبهة التحرير الوطني تحقيق تلك النتائج الباهرة نظرا لغياب معارضة حقيقية، أحزاب قديمة قاطعت الانتخابات لفترة طويلة وخسرت جزءا من قاعدتها الشعبية، وأحزاب جديدة لم تتح لها الفرصة لاستكمال مرحلة البناء الذاتي استعدادا للانتخابات الزاحفة عليها، وهي أحزاب أخذتها الحملة الانتخابية على حين غرة. أحزاب ربما لم ترغب في المشاركة في الانتخابات قبل الاستعداد الكامل، لكن موعد الانتخابات انقض عليها في هجوم مباغة.
كذلك ساهمت أحداث الربيع العربي في تخدير عقول قيادات بعض الأحزاب الإسلامية خاصة وجعلتهم يعيشون في عالم شبيه بالخيال، حتى أن بعضهم صار أكثر انشغالا بتشكيل الحكومة، وكيف سيطبق (البرنامج) الذي وعد به الناخبين بدل أن يضيع وقته في انتظار نتائج صناديق الاقتراع.
أيضا هناك حقيقة هامة غابت عن أذهان العديد من قادة الأحزاب السياسية الصغيرة (المعارضة)، مضمون هذه الحقيقة أن قيم وثقافة الشعب الجزائري (نتيجة التخطيط المحكم من طرف أجهزة النظام، والأحداث المريرة التي مرت بها الجزائر خلال العشرية السوداء) تغيرت نوعا ما ولم يعد الشعب يتأثر بالخطاب الدعائي الأيديولوجي، كما أنه أصبح ينبذ التطرف ولا يحب المغامرات وسئم من الوعود والأحلام الغير واقعية، كما خلت الحملة من الخطاب الأيديولوجي المتطرف نتيجة قانون المصالحة وقانون الانتخابات الجديد الذي أكد على حملة نظيفة خالية من لغة التهييج والتجريح.
لم تفاجئني نتيجة الانتخابات بالنظر للامكانيات التي تملكها جبهة التحرير، لكنها فاجأتني من ناحية أخرى لأنني كنت أتصور أن كثرة الأوراق الانتخابية وقائمة الأحزاب الطويلة ستمنع حصول حزب معين على أغلبية معتبرة نظرا لتشابه الأحزاب وصعوبة الفرز بينها مما قد يفيد الأحزاب الصغيرة ويضر بحزب كبير كجبهة التحرير الوطني. لكن سارت الحملة الانتخابية كما خطط لها من طرف زعماء ومناضلي الحزب العتيق الذي هو حزب السلطة والشعب في آن واحد. (هذه المرة يبدو أن السلطة مدت يدها لحزب جبهة التحرير وأنها ابتعدت نوعا ما عن حزب الراندو.)
خلاصة القول أن النتيجة كانت منطقية، وأن الشعب الجزائري أراد تقديم دعم لحكومته نظرا للظروف الراهنة ونظرا للمؤامرات التي تحاك ضد الجزائر من هذا الطرف أو ذك، لكن هذا لا يعني أن من صوت على جبهة التحرير اليوم سوف لن يخرج في مظاهرة ضدها غدا.
أخيرا، أقول: هنيئا للشعب الجزائري، وهنيئا للأحزاب الفائزة بالانتخابات، وصبرا صبرا جميلا للذين لم يوفقهم الحظ هذه المرة. (المرة القادمة سيعملوها، وقد تتحقق الأحلام). (عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.)
عاشت الجزائر، وعاش شعبها العظيم، والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار الذين ضحوا من أجل أن تحيا الجزائر حرة شامخة.

عمار بوجلال، 
تحديث:  12 ماي، 2012.