Friday, October 31, 2014

الديمقراطية على مقاس الإسلاميين: تصرفات زعماء حزب النهضة التونسي بعد خسارتهم الانتخابات

 Amr Boudjellal
 
 
 
طرح الغنوشي على خصومه الذين قهروه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة (التي جرت يوم...) شروطا تعجيزية مطالبا إياهم بعدم الانفراد بتشكيل الحكومة أو التحالف مع أحزاب علمانية، لأن ذلك بالنسبة إليه يعني عودة الدكتاتورية لحكم تونس.
مطالب الغنوشي خالفت أبسط أبجديات الديمقراطية، وتضمنت تهديدا ووعيدا لا يبشر بخير لمستقبل الديمقراطية الفتية بتونس.
الجميع يعلم أن الحزب الفائز بالانتخابات (حزب نداء تونس هذه المرة) حر في اختيار الطريقة التي تناسبه في تشكيل الحكومة: إما أن يتحالف مع حزب يتبنى برنامجا قريبا من برنامجه، أو الدخول في عملية تفاوض مع حزب ذي توجهات مختلفة بقصد التوصل لبرنامج مشترك يرضي الطرفين بهدف تشكيل حكومة قابلة للحياة وقادرة على تنفيذ المهام التي نصبت من أجلها.
شخصيا أعتقد أن الديمقراطية في تونس ما بعد الانتخابات الأخيرة ستكون بخير إن تحكم السيد الغنوشي وأنصاره في عواطفهم وتجنبوا الإساءة إليها.
 
النهضاويين بدوا للناس معتدلين ومسالمين، عندما حصلوا على السلطة في أعقاب انهيار نظام بن علي. لكن المرحلة القادمة ستكشف للناس عن حقيقتهم خاصة إذا ما أبعدوا عن السلطة. تصريحات الغنوشي الأخيرة تضمنت تحذيرات للتونسيين أن حزب نداء تونس سيعود بهم إلى عهد ديكتاتورية بن علي، واشترط على زعماء هذا الحزب الفائز بالانتخابات عدم السعي لتشكيل الحكومة المقبلة بالتحالف مع أحزاب تختلف اتجاهات العلمانية عن الاتجاهات الإسلامية التي تتبناها النهضة. كذلك طالب الطبقة السياسية بضرورة انتخاب رئيس توافقي.[1]


[1] . راجع على سبيل المثال الخبر الوارد بجريدة الشروق الجزائرية (الغنوشي يحذر من تكرار الاستقطاب الثنائي المصري)، يوم 31 أكتوبر، 2014.
 
لكن السؤال المطروح: ماذا سيحصل عندما يرفض خصوم النهضة هذه المقترحات؟
ساعتها أعتقد أن النهضة ستجنح للخطاب المتطرف وتدعم الإرهاب بكل ما تملك من قوة.   
بالنسبة لمسألة انتخاب الرئيس المقبل أرى أن النهضة تستعجل الأمور وتضغط على خصومها من غير مبرر. يبدوا أن زعماء النهضة عانوا ولا زالوا يعانون من صدمة الهزيمة، ولم يتقبلوا الخسارة بكل روح رياضية كما تظاهروا للناس عند بداية ظهور النتائج الأولية للانتخابات. كان يليق بهم التركيز على الحاضر وترتيب أمورهم جيدا إما تدبرا لحظوظهم في الحكومة المقبلة، وإما استعدادا لموعد الانتخابات الرئاسية التي عندما يحين موعدها ستختار النهضة من تراه يليق بتمثيلها فيها، أو تختار مساندة من تراه يصلح لحكم تونس.
لكن في حالة فوز أحد المعارضين لبرامجها وتوجهاتها اﻹسلامية بالانتخابات فعليها عندئذ بالسعي لتشكيل معارضة مسئولة: تدعم الفائز بالانتخابات في السياسات والبرامج التي تراها تصلح لتحقيق مصلحة الشعب التونسي، وتعارضه في الباقي معارضة سلمية من غير تهديد أو وعيد. 
 
[مقالة لا تزال في حاجة لمزيد من التعديلات] 
 
 
 
 
 
                                                عمار بوجلال،
                                                                      قسنطينة، يوم 31 أكتوبر، 2014
 

 

Saturday, October 25, 2014

هل يمكن إسقاط مسألة تترس العدو بالمسلمين على قضية اعتصام الإخوان برابعة العدوية؟

 
شعار جماعة الإخوان يرمز للعنف ضد إخوانهم
Source: Wikipedia
الكثير من أتباع الإخوان يخلطون الدين بالسياسة ويلبسون على الناس الحق بالباطل. دليلنا على ذلك تأييدهم المستمر لتصرفات جماعتهم وكأن زعماءها ليسوا من البشر يصيبون ويخطئون كغيرهم. ديننا يطالبنا بنصرة الصديق إن أعتدي عليه، أما إن كان هو المعتدي على غيره فيطالبنا بنصحه وجزره حتى ينصاع للحق. الشعب المصري منح الإخوان السلطة، ولكن بعد فترة زمنية تبين له أن برامجهم غير قابلة للتنفيذ (لا تهمنا الأسباب هنا)، وأن سياساتهم كانت ستؤدي لتقسيم مصر، وأنهم جماعة غير قابلة للحوار. لذلك كان من حق الشعب الذي منحهم السلطة في أول مرة أن ينتزعها منهم مرة أخرى ويمنحها لجماعة يثق بهم.
الحكومة التي انبثقت عن الثورة ضلت تترجاهم (لفترة أربعين يوما على الأقل) لإخلاء الساحات العامة، لكنهم كعاداتهم رفضوا وأكدوا للناس أجمعين أنهم أناسا لا يعرفون للحوار سبيلا، وأنهم أرادوا الانتحار وجر البلد معهم إلى الهاوية. ولم يتركوا للحكومة، التي بدت مخلصة لتعهداتها أمام شعبها، أنه لم يعد لها من واجب سوى أن تزيحهم عن الساحات العامة باستخدام كل وسيلة مشروعة وممكنة.
هذه مسألة اختلف إزاءها كبار الفقهاء بين مؤيد ومعارض، كذلك فهي مسألة لها ما يشابهها في الفقه الإسلامي ألا وهي مسألة "تترس" العدو بالمسلمين. أنا لا أدعي التفقه في الدين ولكن بإمكان الفقهاء (غير المتحزبين) توضيح المسألة بشكل أفضل. كذلك يمكن لأي كان الاطلاع على تفاصيل المسألة بمراجعة موضوع الجهاد في كتب الفقه الإسلامي. ربما سيتساءل البعض عن المقصود بعبارتي "الكفار والمسلمين" في قضية صراع الإخوان مع شعبهم وحكومتهم. الجواب أيضا أنني لست من المتخصصين في الدين لأحكم على غيري بالتدين أو الخروج عن حكم الشريعة في مثل هكذا قضية سياسية شائكة. بالنسبة إلي القضية سياسية بامتياز ولا داعي لإقحام الدين فيها، كما أن أخطاء الإخوان فيها كانت ظاهرة للعيان ولا حاجة لنا لدليل يثبتها. (لا يحق لأي كان احتلال الساحات العامة لفترة زمنية تتجاوز الحد المعقول كونها تلحق ضررا بحياة المواطنين القاطنين بتلك الساحات، وتضر باقتصاد البلد الذي كان يعاني أصلا من أزمات لا حصر لها.)
كذلك هناك حل، أو مخرج، آخر يتمثل في خيار الصلح بين الفئتين المتخاصمتين من المسلمين، أو مقاتلة الفئة التي ترفض الانحياز للحق، (أي التي لا تقر الصلح وتنصاع لإرادة الشعب). قال الله تعالى:
"وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ." (الآية 9 من صورة الحجرات)
أعتقد أن تصرفات الحكومة السعودية بخصوص الصراع بين الإخوان والشعب المصري لم تخالف مضمون هذه الآية الكريمة، والله ورسوله أعلم.
 
                                                                         عمار بوجلال،
                                                                                         قسنطينة، 25 أكتوبر، 2014.