AMR BOUDJ, SATURDAY, OCTOBER 04 , 2015
عمار بوجلال
خلال اجتماع بأمناء المحافظات ورؤساء اللجان الانتقالية (03 من أكتوبر
2015) دعا سعداني (زعيم أكبر حزب جزائري) لتأسيس جبهة وطنية لدعم برنامج الرئيس عبد
العزيز بو تفليقه. ونسي أنه كان أجدر به أن يدعو جميع الجزائريين لإنقاذ بلادهم من
الكارثة التي أحلت ببلادهم بسبب تطبيق برامج الرئيس بو تفليقه.
الدولة المدنية التي دعا لها السيد عمار سعداني أكثر من مرة لخص معناها أخيرا
في الدعوة لدعم برنامج الرئيس: دعم وتصفيق، لا تعقيب ولا تقييم ولا اعتراض على السياسة
التي ينتهجها الرئيس عبد العزيز بو تفليقه في الجزائر. هذا ابتكار توصل إليه عمار سعداني
بعد دعوته لتطبيق قواعد الدولة المدنية، نموذج لا يختلف كثيرا عن نماذج وأشكال الدول
"المدنية " التي آمن بها وطبقها جنيرالات ودكتاتوريات أمريكا اللاتينية خلال
فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، بينوشي مثلا، هي دولة الإقطاع ودولة
تكميم الأفواه ومصادرة الحريات. دولة إقصاء المعارضة ومطالبتها بالتسبيح باسم الرئيس
وبرامجه، وقد تعني أيضا تلك الدولة إقالة الجنرالات وإعفائهم من مهامهم: بن حديد وتوفيق
أمثلة على ذلك.
كيف برئيس حزب كبير يعلن للناس أنه يريد إصلاح النظام السياسي في الجزائر من
أجل إقامة الدولة المدنية يدعو اليوم الجميع حكومة ومعارضة لدعم برنامج الرئيس وهو
يعلم أن ذات البرنامج مثلا قد يتضمن انتزاع أراضي زراعية من أصحابها وتخصيصها لبناء
سكنات في الوقت الذي كان يفترض بناؤها بمناطق لا تهدد قوت الجزائريين؟
لماذا دعا لجبهة وطنية لدعم برنامج الرئيس؟ ألا يعلم سي سعداني أن هناك من عارض
ترشح الرئيس لعهدة رابعة؟ كيف يدعوهم إذن لدعم برنامج الرئيس؟ ألم يشعر سعداني أن في
كلامه ذلك استهتار بعقول الناس وإهانة للمعارضة مهما كان شكلها؟ بعض المنتمين لتلك
المعارضة عبروا عن استيائهم من ترشح الرئيس لعهدة رابعة فكيف بهم يدعمون برنامجه؟ هل
يظن سعداني أن برنامج الرئيس الذي يدعوا الجميع لتزكيته ودعمه قرآنا كله صواب ولا يحتمل
أي خطأ؟ وما فائدة الأحزاب والمعارضة إذا تجرأ شخص ما وطالبها بضرورة دعم برنامج مرشح
حزب آخر؟
علما بأن العيب اﻷكبر لا يكمن في برنامج الرئيس بحد ذاته لكن في تطبيقه: مثلا
كلنا يريد سكنا أو وظيفة لنفسه ولأبنائه ويتمنى لو تقوم الحكومة ببناء سكنات ومصانع،
لكن يجب أن لا يتم ذلك على حساب أهداف وألويات أخرى:
المدن والسكنات يجب بناؤها بعيدا عن اﻷرض الزراعية، والمصانع يجب توزيعها على
مختلف مناطق الوطن وأن تقام بعيدا عن المدن حتى لا تتسبب في تلوثها وتخلق مشاكل صحية
لساكنيها.
أما برنامج الرئيس بو تفليقه الذي يدعو السيد سعداني لمساندته فلم يحترم هذه المعايير
البسيطة لا من حيث التصميم ولا من حيث التطبيق، فكيف به يطالب
الجميع أن يشارك في دعمه؟ من يفعل ذلك يعتبر في نظري مشاركا في الجريمة التي تقترف
في حق الشعب والوطن: جريمة الاعتداء على الأرض الزراعية وتلويث المحيط والمدن بمصانع
أقل ما يقال عنها أنها غير منتجة!
هؤلاء لا يفرقون بين الأشخاص والدول: سعداني الذي طالما دعا لتبني خيار نهج الدولة المدنية لا يكاد يميز بين بو تفليقه
والدولة الجزائرية.
كان أجدر بهذا الزعيم أن يدعو جميع الجزائريين
لإنقاذ بلادهم من الكارثة والمستقبل المجهول الذي أوصلتنا إليه برامج الرئيس بو تفليقه.
Amr Boudj